يمتاز هذا الشهر بمرحلة أخرى من المراحل الأساسية لنمو طفلك المتهادي، حيث تحتفلين الآن بعيد ميلاده الثاني، وقد أصبح الآن كبيرًا بما يكفي لفهم بعض ما يعنيه ذلك، حتى لو اقتصر فهمه على الهدايا والكعكة، ولكنه يمثل أيضًا مرحلة نمو أساسية من حيث اكتساب الطفلة الاستقلالية وتزايد نطاق مهاراته، ومع ذلك، لا تتناسب قدراته مع رغبته دائمًا، لذا كوني على استعداد لمواجهة بركانٍ من الغضب عندما لا يستطيع تحقيق ما يريد.
يمثل الأطفال في عمر السنتين مهمة مستمرة لا تنتهي بالنسبة لوالديهم، وهو ما يدفع الوالدين إلى التعامل مع الأمر بهدوء إلى حدٍ ما. وتذكري أن تأثيرك على طفلك لن يكون قويًا في جميع الأوقات، فعلى الرغم من مساهمتك بشكل كبير في تنظيم سلوكياته، إلا أنه يتمتع بشخصيته الصغيرة المتميزة والفريدة؛ فإنه لن يتصرف على الدوام بالطريقة التي تفضلينها، بل وربما في بعض الأحيان لن تعجبك تصرفاته كثيرًا، لكن إذا احتسبنا كل الرعاية التي تقدمينها لطفلك، فإن تعاملك معه ببعض التساهل في أوقات قليلة لن يضر طفلك.
لن تشعري أبدًا بالوحدة عندما يكون لديك طفل في عامه الثاني، وتوقعي سماع الكثير من الثرثرة هذا الشهر، حيث يصير طفلك قادرًا على ربط كلمتين أو ثلاث كلمات معًا في جملة واحدة، وهو ما يعني أن محادثاتكم قد أصبح لها معنى، وهو ما سيذكرك كل يوم إلى أي مدى كبر طفلك في غضون عامين قصيرين. افتخري بإنجازك! فلكم هو صعب تربية الأطفال، ولا يمكننا جني ثمار رعايتنا لأطفالنا إلا بعد نضجهم؛ ولكن عندما يبلغ الطفل عمر السنتين، يكون قد وصل إلى مراحل نمو واضحة ما كانت لتنجح دون جهود الوالدين.
النمو والتطور
عند بلوغ طفلك الصغير عمر السنتين، يبدأ في ممارسة الألعاب التخيلية، كما سيحاول ارتداء ملابسه بنفسه، على الرغم من عدم نجاحه في ذلك على الدوام، إلا أنه سيضع قبعات على رأسه وسيحاول التجول مرتديًا أحذيتك، كما سيجري محادثات خيالية مع ألعابه وحيواناته الأليفة، فحاولي الإنصات إلى تلك المحادثات جيدًا، حيث ستجدين طفلك يقلد كل ما يسمعه منك، كما تنمو عند طفلك خلال تلك الفترة غريزة التملك، فعلى الرغم من أنه قد يسمح لصديقه الصغير بمشاركته اللعب بألعابه خلال أوقات اللعب، إلا أنه سرعان ما سيرغب في استردادها مرة أخرى. ويتميز الطفل في تلك المرحلة بسرعة الانفعال وقلة الصبر، ما يجعل من السهل شعوره بالحنق والضيق، فتوقفي عن اتخاذ دور الحكم ما استطعتِ، ولا تتعجلي في محاولة السيطرة على مشاعر طفلك وتصرفاته المبالغ بها، وامنحيه الفرصة للتعامل، لكن كوني على استعداد للتدخل عند الحاجة.
يُعد الإصرار من السمات المألوفة لدى الأطفال في عمر السنتين، لذا ستجدين طفلك يواصل التذمر والبكاء إذا أراد منك شيئًا حتى ترضخي لطلبه، وعلى الرغم من أن ذلك قد يمثل حلًا فوريًا، إلا أنه يعزز من هذا السلوك لديه؛ حيث يتولد لدى طفلك الصغير شعورًا بأن تلك الطريقة فعالة للغاية في الحصول على ما يريد، لذا فكري مسبقًا في ردود فعلك أولًا وحاولي دائمًا إيجاد طريقة بمساعدة شريكك لإدارة طلبات طفلك.
يمكن في كثير من الأحيان لطفلك أن يجلس القرفصاء، وركل الأشياء وسحبها وتفريغها وفحصها ولمسها في الوقت ذاته! كما سيبدأ في الاستفسار عن كل شيء وسينتظر منك الإجابة على كل أسئلته، ولم يحن بعد وقت شعورك بالحاجة إلى الدخول على الإنترنت للبحث عن إجابة لأسئلته، لأنه لن يصغي سوى لأول ثلاث أو أربع كلمات من إجابتك، وسرعان ما يتحول تركيزه إلى هدف آخر. فلن يلقَ أي شرح مسهب آذانًا صاغية، لذا حاولي جعل إجاباتك قصيرة ووافية.
كل ذلك النشاط صادر عن دماغ يبلغ تقريبًا 75% من حجم دماغ الشخص البالغ، حيث تنمو نسبة 25% المتبقية في غضون السنوات الثمانية عشر التالية.
اللعب والتفاعل
يحب الطفل في عمر السنتين ارتداء بعض الملابس وتمشيط شعره ومحاولة التأنق خلال وقت اللعب، إذ يستمتع الطفل في تلك المرحلة العمرية بالنظر إلى انعكاس صورته في المرآة والقيام بحركات مضحكة بوجهه، لكنه لن يستطيع الجلوس واللعب لفترات طويلة حيث لا تسمح له قدرته على الانتباه بذلك، بل ستجدينه ينتقل من نشاط إلى آخر، حيث يسترعي أحد الأنشطة انتباهه لفترة زمنية قصيرة وسرعان ما يتحول انتباهه إلى ""منطقة اللعب"" التالية، كما سيرغب في جذب انتباهك ومشاركته اللعب.
تتطور العاطفة لدى الطفل في ذلك العمر وتلك المرحلة، حيث تأخذ منحنًا جديدًا، لذا كوني مستعدة لتلقي الأحضان والقبلات التلقائية عندما يريد إظهار مدى حبه لكِ، وعندما تعتقدين أن طفلك البالغ عامين قد أصبح كبيرًا ولم يعد بحاجة إلى أن تكوني شديدة القرب منه على الدوام، ستجدينه يلازمك ويريد منك حمله.
حاولي توفير بعض الكتب وقراءتها له كل يوم، واصطحبي طفلك البالغ من العمر عامين إلى المكتبة المحلية وقومي بالاستفسار عما إذا كانت تنظم مجموعات للقراءة، وراقبي طفلك الصغير وهو يقلب صفحات الكتاب ويفحص لوحة المفاتيح ويبحث عن طرق للوصول إلى مختلف أنواع التكنولوجيا المتوفرة في المنزل، كما سيتم تجربة استخدام أجهزة التحكم عن بعد خلال هذا الشهر، فاستعدي لأن يتطور لدى طفلك بعض الإدراك البسيط بوظائف الأزرار، حيث سيراقب كل حركة تقومين بها وسيحتفظ بالكثير من المعلومات التي يستوعبها عبر كل حاسة من حواسه.
ما يمكنكِ توقعه في هذا الشهر
تحدث بعض الاضطرابات في هذا العمر مثل التعرض للأحلام المروعة. تنشأ هذه الكوابيس بتأثير من مخيلات الأطفال المستمرة ولا يمكنهم معرفة الحقيقة من الخيال. يشعر الوالدان بالآسي حيال رؤية أطفالهم وهم مرتعبون من الأحلام المروعة. إذ يسهل على البالغين التفريق بين الحقيقة والخيال نظرًا لتمتعهم بالقدرة المعرفية التي تمكنهم من التفكير بمنطق، في حين يستحيل على الطفل البالغ عامين أن يفعل المثل. لذا من الضروري التعامل مع هذه الظاهرة بإظهار الطمأنينة والراحة والتعاطف. فهناك أوقات قد يحتاج منكِ الطفل أن تمكثي فيها بجانبه حتى يهدأ ويتمكن من النوم. لهذا فمن الضروري القيام بذلك عند الحاجة وبقدر كافٍ من الوقت، بل وتعدُّ جزءاً لا يتجزأ من مهام الأمومة والأبوة خلال هذه الفترة العمرية التي تنمو فيها مخيلة الأطفال.
يجب مراقبة الطفل بما يتناسب مع معدل إجمالي مهاراته الحركية. ففي هذا الوقت، سيكون قادرًا على الركض والمشي للخلف والرقص وتقليد الحركات والقفز، كما سيكون قادرًا على الوقوف على ساق واحدة والمحافظة على التوازن لدقيقة أو دقيقتين متتاليتين إلى جانب قدرته على الهمهمة والغناء والاستمتاع بالمشاركة في دورات الغناء الجماعية، وسيتمكن من تذكر كلمات أغاني الأطفال المشهورة التي يستمع لها، كما سيتمكن من التعرف على المعالم المألوفة وشعارات المحلات والشعارات التجارية وربط طرق السفر بالوجهات المقصودة، بالإضافة إلى ذلك، سيلاحظ كل ما هو جديد في المنزل أو إذا تم نقل قطعة أثاث أو بعض الأغراض إلى جزء آخر من المنزل.
فهذا هو سن الملاحظة لدى الأطفال العازمين على حفظ الأشياء وتخزينها لاستخدامها في المستقبل، فكوني على استعداد بالاندهاش من قدرة طفلكِ على حفظ المعلومات ثم عرضها عليكِ مرة أخرى دون أن تتوقعين ذلك، ومن شأن زيارة الأجداد والخروج للتسوق والأنشطة التي تبدو بسيطة أن تترك أثرًا لا يُمحى على ذاكرة طفلكِ.
الغذاء والتغذية
قومي بتوسيع نطاق النظام الغذائي لطفلكِ خلال هذا الشهر وأعدِّي وجبات جديدة له، لا تفترضي رفضه للوجبات الجديدة طالما تحرصين أنت وبقية أفراد الأسرة على عدم إهدار هذا الطعام، فإذا كان طفلكِ يرفض تناول الطعام، قومي بتقديمه له بطريقة مختلفة، فبدلًا من تقديم أطباق مملوءة بالطعام لكل فرد من أفراد الأسرة، قومي بتقديم أطباق فارغة لملئها بأنفسهم، أو يمكنك وضع الأطباق في منتصف الطاولة حتى يقوم كل شخص بتقديم الطعام لنفسه. لا تكترثين لطفلك البالغ من العمر سنتين ودعيه يشاهد الآخرين أثناء اختيارهم للطعام، فحينها يمكن لطفلك أن يشعر بأن شيئا ما قد فاته، مما يشجعه على المشاركة.
قومي بإغلاق التلفاز والحاسوب أثناء تناول الطعام واحرصي على قيام كل شخص بذلك، وقوموا بتبادل أطراف الحديث عن يومكم وأشركوا الطفل معكم في الحديث، دعيه يشارك أثناء تناول الطعام دون التركيز عليه بشكل واضح. ويعتقد معظم الأطفال عند سن العامين أنهم سيحصلون على مزيد من الاهتمام إذا رفضوا تناول الطعام أكثر من تناولهم إياه؛ لذا، قيّمي مزايا الطعام بالنسبة لكِ واطرحي المثال الأفضل لطفلك حول ذلك.
حافظي على صحة طفلك
لا تنزعجي إذا ما شعر طفلكِ بالخجل في هذا الشهر، فهذه فطرتهم الطبيعية لحماية أنفسهم من الضرر المحتمل؛ فهم يستجيبون لما يشعرون به وفقاً لما تمليه عليهم أجسادهم، كما أنهم سوف يعودون إليك عند ""تأجج"" المشاعر لديهم إذا شعروا أنهم في بيئة غير مألوفة أو شعروا بعدم الأمان؛ لذا، تجنبي تجاهل مشاعرهم أو التقليل منها، حيث أن جزءً من دوركِ نحوهم هو تعزيز صحتهم العاطفية والاجتماعية. على الرغم من أنه سيأتي حتمًا الوقت الذي يقومون فيه بالاستعانة بالمخزون العاطفي لديهم، إلا أنهم بحاجة إلى مساعدتك في الوقت الحالي.
إذا كان لدى طفلكِ دمية، فقد حان وقت تركها، وفي حال كان لا يزال بحاجة إليها وقت النوم، فكري باستبدالها بلعبة أخرى أو دُب أو ""أغراض أخرى تشعره بالحب مؤقتًا"". تؤثر الدمى على تطور القدرة على التحدث لديه وتطيل فترة استيعابه للأشياء ومن ثمَّ يعتمد عليها الطفل كاستجابة فورية لنجاته من أي موقف. كما أنها تجعل الطفل ""ثابتًا بلا حراك"" حتى في الأوقات التي تستدعي منه التعبير الحركي أو إظهار شعوره بالحماس.
نصائح عامة:
• إذا كنتي تقومين بتدريب طفلكِ على الذهاب إلى الحمام بمفرده، توقعي حدوث بعض الأخطاء حتى يتمكن من فعل ذلك، كما قد يتسبب المرض أو التغيرات التي تطرأ على الأسرة أو الانتقال إلى منزل جديد أو البدء في ذهابه إلى حضانة أطفال في تأخر نمو الطفل. تصرفي بهدوء وتجنبي معاقبته بأي شكل من الأشكال، فالطفل في عمر سنتين لا يقوم بذلك ليغضبك، ولكنه لا يزال صغيرًا وفي طور التعلم.
• إذا جاء فصل الصيف، اذهبا في نزهة لتناول الطعام معاً. حيث تختلف ردود فعله العشوائية خارج المنزل وسيحب طفلكِ التجديد وتغيير الروتين، كما عليكِ أن تدعيه يساعدك في إعداد الطعام وينهمك في محاولة القيام بذلك.
• إذا لم تقومي بعرض طفلكِ على طبيب الأسنان، قومي بفعل ذلك خلال هذا الشهر، وفي حال كان يقوم بالرضاعة الصناعية، فقد حان الوقت لاستغنائه عن ذلك، حيث إن تسوس الأسنان نتيجة التغذية من زجاجات الحليب أو العصير أو أي مشروبات أو سكريات لهو أمر شائع وينبغي تجنبه تمامًا.